كتب ماجد مندور أن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي استخدم للمرة الأولى منذ عقود خطابًا عدائيًا تجاه إسرائيل، إذ وصفها بالعدو خلال كلمته الختامية في قمة عربية-إسلامية بالدوحة في 17 سبتمبر، بعد استهداف الاحتلال للعاصمة القطرية. واعتبر أن أفعال إسرائيل تهدد ليس فقط اتفاقيات السلام المستقبلية بل تهدد استقرار القائم منها، في إشارة واضحة إلى كامب ديفيد. وجاء هذا الموقف بعد تقارير عن تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء، إذ ارتفع عدد القوات من 25 ألفًا عام 2018 إلى نحو 42 ألفًا، بالتنسيق مع إسرائيل أثناء ذروة مواجهة تنظيم الدولة.

ذكرت ميدل إيست آي أن التوتر تصاعد بعد تصريحات السيسي بأن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء خط أحمر. ورغم تسريبات عن قبوله الفكرة مقابل حزمة مساعدات مالية، فإن المؤسسة العسكرية رفضت ذلك. ومع ذلك، لم تتجاوز الخطوات المصرية حدود الخطاب الحاد، بينما تعمقت التبعية الاقتصادية لإسرائيل وابتعدت القاهرة عن أي تحرك دبلوماسي فعّال، مكتفية بوساطات تأمل أن تنهي الإبادة.

أبرز التقرير أن مصر وقعت في أغسطس 2025 صفقة غاز قيمتها 35 مليار دولار مع إسرائيل، وهي الأضخم في تاريخها، رغم تصاعد وفيات المجاعة ومقتل فلسطينيين خلال توزيع المساعدات. الاتفاقية وسّعت صفقة 2018 البالغة 15 مليار دولار، وجعلت مصر تعتمد على إسرائيل في 72 بالمئة من وارداتها من الغاز بحلول 2024. أي خلل في الإمدادات يجبر الحكومة على تقنين الكهرباء أو فرض انقطاعات شاملة، كما حدث في يونيو عندما توقفت الإمدادات أثناء الحرب القصيرة بين إسرائيل وإيران. استغل نتنياهو هذا الوضع وعلق الصفقة مؤقتًا في سبتمبر، مبررًا ذلك بزيادة القوات المصرية في سيناء.

أوضح مندور أن هذه الهشاشة الاقتصادية قيدت قدرة القاهرة على ممارسة ضغط دبلوماسي أو اتخاذ خطوات جدية. ففي مايو 2024 أعلنت نيتها الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لكنها لم تقدم أي إجراء، كما امتنعت عن الانضمام إلى مجموعة الدول في لاهاي الداعمة للفلسطينيين. ويتفاقم الخطر مع احتمال إقدام إسرائيل على تهجير جماعي للفلسطينيين إلى سيناء، وهو سيناريو يهدد استقرار النظام نفسه.

أشار التقرير إلى أن جذور المعضلة تعود إلى نموذج الدولة المصرية القائم على رأسمالية عسكرية تعتمد بشدة على تدفقات رأس المال الخارجي. يحتاج النظام إلى تمويل خارجي يقدر بنحو 30 مليار دولار للسنة المالية 2026-2027 وفق تقديرات صندوق النقد، ما يجعله في تبعية عميقة للخليج وللولايات المتحدة بوصفها ضامنًا لدعم الصندوق وميسرًا لتمويل الأسواق. وتعتمد مصر كذلك على ما يُعرف بالأموال الساخنة التي بلغت 38 مليار دولار في مارس 2025، وهو اعتماد يجعلها عرضة لأي ضغوط سياسية قد تدفع إلى خروج مفاجئ لرؤوس الأموال واندلاع أزمة ديون جديدة.

عزز هذا الوضع الضعف المصري أمام الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في البنية الأمنية الإقليمية. فالقاهرة اعتمدت منذ عقود على السلاح الأمريكي، إذ شكّل 75 بالمئة من مشترياتها بين 2000 و2009، وما زالت قوتها الجوية مكونة بالأساس من طائرات أمريكية. ورغم محاولات تنويع مصادر السلاح، بقيت الفجوة قائمة، خصوصًا مع حيازة إسرائيل طائرات إف-35 التي حُرمت منها مصر رغم وعود إدارة ترامب. ضعف الصناعة العسكرية المحلية زاد من التبعية التكنولوجية والمالية للخارج، ورسّخ تفوق إسرائيل العسكري.

اعتبر مندور أن ما بعد 7 أكتوبر 2023 مثّل تحولًا خطيرًا، إذ تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء التي كانت تحكم العلاقة، مثل تجنب استهداف عواصم الخليج. النظام المصري ما زال يعمل بعقلية ما قبل الإبادة، حين كان القبول الضمني بالاحتلال يضمن بقاء التحالف مع واشنطن وتل أبيب. أما اليوم، فالمطلوب هو التماهي مع أشد أشكال المشروع الاستيطاني تطرفًا، بما يشمل محو الحركة الوطنية الفلسطينية.

خلص التقرير إلى أن النظام المصري يقف في موقع تابع داخل النظام الإقليمي، وأن استقراره لم يعد أولوية أمام مشروع التوسع الإسرائيلي، بينما تميل واشنطن إلى سياسات زعزعة بدلاً من حفظ التوازن. وبذلك، يظل خطاب السيسي عن "العدو" خطوة رمزية بلا قدرة فعلية على تغيير المعادلة في غزة.
https://www.middleeasteye.net/opinion/sisi-escalates-rhetoric-against-israel-will-act-gaza-genocide